عربي

السعودية وسورية تحالف تاريخي نحو الاستقرار الإقليمي

تولي المملكة العربية السعودية اهتمامًا خاصًا بالعلاقات مع سوريا، انطلاقًا من إيمانها الراسخ بأهمية استقرار سوريا وأمنها للمنطقة بأسرها. هذا الاهتمام ليس وليد اللحظة، بل هو امتداد لعلاقات تاريخية وطيدة تعود إلى عهد الملك عبدالعزيز والرئيس شكري القوتلي، حيث كانت اللقاءات الثنائية بينهما مستمرة، وتوجت بجهود مشتركة أثمرت عن تأسيس جامعة الدول العربية عام 1945.

لطالما كانت السعودية بمثابة الحديقة الخلفية الآمنة لسوريا، حريصة على حمايتها من محاولات ضمها إلى أي أحلاف إقليمية. هذه الرؤية الاستراتيجية تأخذ في الاعتبار الموقع الجغرافي المتميز للبلدين، فالسعودية تمثل نقطة وصل بين آسيا، بينما سوريا تعد بوابة عبور إلى أوروبا ومجاورة لتركيا، ما يعزز من أهمية التعاون والتنسيق بينهما في مختلف المجالات.

زيارة الملك سعود لسوريا عام 1953 شكلت منعطفًا هامًا في العلاقات الثنائية، خصوصًا في ظل الظروف الإقليمية التي كانت تسعى لضم سوريا إلى العراق. هذه الزيارة أكدت على عمق الروابط بين البلدين وأهمية التحالف الاستراتيجي بينهما، والذي يرتكز على المصالح المشتركة والعلاقات الأخوية بين الشعبين.

في أعقاب التطورات السياسية الأخيرة في سوريا، كانت المملكة من أوائل الدول التي سارعت إلى دعم سوريا، تجسيدًا لعمق العلاقات التاريخية والمصالح المشتركة. زيارة وزير الخارجية السعودي إلى دمشق في فبراير الماضي كانت بمثابة إشارة واضحة على عودة الدفء للعلاقات بين البلدين، تبعتها زيارات مماثلة من دول مجلس التعاون الخليجي. هذا التحرك يعكس إيمان السعودية بأن “إذا كانت دمشق بخير، فالخليج بخير”، وأن استقرار سوريا يمثل حجر الزاوية في استقرار المنطقة بأسرها.

إدراكًا منها لحجم التحديات التي تواجه سوريا بعد سنوات من الحرب والنزاع، سعت المملكة إلى تقديم الدعم اللازم لإعادة بناء الدولة والمجتمع. مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية كان في طليعة الجهات التي قدمت المساعدات الإنسانية والإغاثية للشعب السوري. كما لعب ولي العهد الأمير محمد بن سلمان دورًا هامًا في التأثير على قرار الإدارة الأمريكية برفع العقوبات عن سوريا، مما يفتح الباب أمام مزيد من التعاون والدعم الدولي.

إلا أن السعودية تدرك أن تحقيق الاستقرار والتنمية في سوريا يتطلب جهودًا مضاعفة من الداخل، فمهما كان حجم الدعم الخارجي، يبقى التغيير الحقيقي منوطًا بالإرادة السورية وقدرة السوريين على تجاوز خلافاتهم وتوحيد جهودهم لبناء مستقبل أفضل لبلادهم. إن بناء دولة قوية ومستقرة في سوريا يتطلب تبني مبادئ الحوكمة الرشيدة، واستقطاب الكفاءات، وبناء الدولة على أساس المواطنة والمساواة.

نجاح التجربة السعودية في دعم سوريا سيقود إلى معادلة ذهبية قوامها الأمن الإقليمي والاستقرار الاقتصادي. هذه المعادلة، التي تجمع بين السعودية وسوريا، قادرة على تغيير شكل العلاقات العربية والإقليمية، وتحقيق تطلعات شعوب المنطقة في مستقبل مزدهر ومستقر.

المصدر: https://www.okaz.com.sa/news/politics/2219932?ref=rss&format=simple&link=link

زر الذهاب إلى الأعلى