الأنصاري: كتاب «الركب» يكشف صراع الهوية والمكان في الرموز المكية عبر العصور

كتاب “الركب صراع الهوية والمكان” للدكتور عباس صالح طاشكندي الصادر عام 2024، يغوص في تاريخ “المحمل” كرمز مكي عريق، ويكشف عن تجاذبات الهويات والنفوذ السياسي عبر العصور.
الكاتب عبدالواحد الأنصاري يرى أن هذا الكتاب يقدم قراءة تاريخية معمقة لكيفية تحول الطقوس والشعائر إلى أدوات للهيمنة والسيطرة، وكيف صاغت الرموز الدينية انتماءات الجماعات وحدودها.
الدراسة تستعرض المصطلح المتجذر في اللسان المكي “الركب” وكيف كان يعكس علاقة السلطة السياسية بالحرمين الشريفين، مبيناً أن المحمل كجهاز لحمل كسوة الكعبة ظهر في العصر العباسي كأداة لإعلان السيادة، ثم تحول في العصر المملوكي إلى مسرح احتفالي يخفي وراءه صراعات النفوذ.
الأنصاري يوضح أن الأركاب الحجية شهدت انقسامًا بين أركاب السلطة وأخرى تابعة لها، مما أدى إلى نزاعات أثرت على الأوضاع الأمنية في الحرمين، ومع ذلك، ساهمت الأركاب في إثراء الحياة الثقافية، وكانت بمثابة جسور للتواصل العلمي بين علماء العالم الإسلامي.
الكتاب يرصد بدقة معاناة ركب الحجيج منذ تفكك الدولة العباسية مروراً بعصور المماليك والعثمانيين، والممارسات المبتدعة التي ارتبطت بالمحمل، مثل عروض الفرق الموسيقية والدعاء لسلاطين لم يكن لهم ارتباط فعلي بالحرمين.
في المقابل، يبرز الكتاب كيف غيرت الدولة السعودية الأولى ثم عهد الملك عبدالعزيز المشهد جذرياً، من خلال تأمين طرق الحج وإيقاف عمليات قطع الطريق، واحتواء المشكلات المصاحبة للمحمل المصري، مما أدى إلى استقلال الحرمين الشريفين تحت إشراف الدولة السعودية، والتكفل التام بكسوة الكعبة.
طاشكندي يكشف أن شرعية الحكام ارتبطت بإرسال المحمل وكسوة الكعبة وقراءة خطبة عرفة، لكن الملك عبدالعزيز أحدث قطيعة تاريخية بإلغاء طقس المحمل، مما أتاح للسعودية صناعة كسوة الكعبة وتأسيس مجمع الملك عبدالعزيز لكسوة الكعبة المشرفة.
الأنصاري يختتم بأن الكتاب يوضح كيف يمكن لتغيير طقس واحد أن يعيد رسم المشهد السياسي والديني لسنوات طويلة، مؤكداً أن الهوية والمكان يتشكلان باستمرار في ظل تفاعلات القوة.
المصدر: https://www.okaz.com.sa/culture/culture/2209813?ref=rss&format=simple&link=link











