المدينة والريف في الرواية صراع أم تكامل

في جدل أدبي مستمر، يتساءل النقاد والكتاب عن مدى صحة مقولة “الرواية بنت المدينة” في ظل تنامي الأعمال الروائية التي تستلهم تفاصيلها من البيئات الريفية. بينما يرى البعض أن المدينة، بتنوعها وأحداثها المتجددة، هي المنبع الأساسي للرواية، يؤكد آخرون أن القرية تمثل رافدًا حيويًا يغذي السرد الروائي بالقيم الأصيلة والحنين إلى الماضي.
ويرى الببلوغرافي خالد اليوسف، أن القرية بتماسكها الاجتماعي وعاداتها وتقاليدها، تقدم مادة روائية ثرية تغري الكتاب بالمقارنة بينها وبين صخب المدينة.
بينما يضيف أستاذ الأدب والنقد الدكتور عبد الحميد الحسامي، أن الرواية كجنس أدبي ارتبطت تاريخيًا بالمدينة، إلا أنه لا يستغرب اتجاه بعض الروائيين نحو الريف بحثًا عن حميمية العلاقات الإنسانية وعلاقة الإنسان بالطبيعة، وهو ما يتماشى مع الفلسفة البيئية المعاصرة.
من جهته، يعتبر الروائي علوان السهيمي أن تقسيم الروايات إلى “رواية قرية” و”رواية مدينة” غير دقيق، مشيرًا إلى أن الحكايات الشعبية جزء أصيل من ثقافة القرى، وأن الحكم على تفوق أحدهما على الآخر يحتاج إلى بحث نقدي شامل.
ويوضح الروائي علي الأمير أن كلا البيئتين، القرية والمدينة، تُلهم الكاتب بطريقتها الخاصة، فالهدوء والصفاء الذهني الذي يوفره الريف لا يقل أهمية عن التوتر والأحداث المتلاحقة التي تحدث في المدينة، مؤكدًا أن جودة العمل الروائي تعتمد في النهاية على براعة الكاتب وحسّه الإبداعي خاصة بعد أن أصبحت القرى مدنًا صغرى.
في نفس السياق، يرى الروائي عبدالله ناجي أن المدينة بما تحويه من أحداث متلاحقة ومصائر متداخلة، تعتبر بيئة خصبة لإنتاج القصص والروايات بينما يؤكد أن لكل مكان وزمان حكايته الخاصة، وأن الرواية القروية تشهد تقدمًا ملحوظًا في المملكة، متمنيًا أن يسهم هذا التوجه في استكشاف حياة القرية ومكوناتها الأصيلة.
من جانبها، تتساءل الروائية أميمة الخميس عن مدى قدرة الرواية الريفية على منافسة الرواية المدينية، وتشير إلى أن الرواية، ورغم تطورها، قد ولدت في المدينة مع نشأة الطبقة البرجوازية الصناعية، لكنها انفلتت بعد ذلك لتجوب العالم وتعبر عن كل تجربة إنسانية جديرة بالتدوين.
المصدر: https://www.okaz.com.sa/culture/culture/2220040?ref=rss&format=simple&link=link











