ملوثة بمواد سامة.. دراسة تكشف أن مياه الأمطار حول العالم غير صالح للشرب
توصلت دراسة جديدة إلى أن مياه الأمطار في كل مكان على سطح الأرض تحتوي على مستويات خطيرة من المواد الكيميائية الدائمة (PFAS) المرتبطة بالسرطانات وأمراض أخرى.
مادتي يرفلورو ألكيل Perfluoroalkyl وبولي فلورو ألكيل polyfluoroalkyl لهما استخدامات عديدة، بما فيها الرغوة المستخدمة في مكافحة الحرائق، والطلاء غير اللاصق في لأواني الطبخ، والمنسوجات.
ويعتقد أن هذه المواد تدخل إلى البيئة من خلال الانبعاثات الصناعية، ونقل البضائع، ومياه الصرف الصحي والتبخر من رغوة طفايات الحريق.
وأجرى باحثون من جامعة ستوكهولم و المعهد الفدرالي للتكنولوجيا في زيورخ عملًا مختبريًا وميدانيًا على وجود وكيفية تنقل مواد الـ PFAS على مدار العقد الماضي.
ويزعم الباحثون أنه يمكن العثور عليها في مياه الأمطار والثلوج حتى في الأماكن النائية على وجه الأرض، مثل القارة القطبية الجنوبية والتبت.
وتم ربط هذه المواد الكيميائية بمجموعة واسعة من مخاوف الصحية على الإنسان، بما في ذلك السرطانات واضطرابات الجهاز المناعي والسمنة وقضايا تتعلق بالخصوبة.
وتعرف PFAS بأنها مواد كيميائية تدوم للأبد، بسبب ثباتها الشديد في البيئة، بعضها يستغرق أكثر من ألف عام حتى يتحلل.
وبدأت شركة المواد الكيميائية 3M في تصنيع العضوين الأكثر شهرة في عائلة PFAS، في الخمسينيات من القرن الماضي. وأثبتت العديد من الاختبارات العلمية على مدى العقود الماضية أن المواد الكيميائية تسببت في مشاكل صحية متعددة، وبحلول عام 2002 تخلصت شركة 3M تدريجياً منها إلى حد كبير.
وعلى مدار العشرين عامًا الماضية، ازداد وعي العلماء بمعرفة مدى سمية الـ PFAS، وبالتالي انخفضت القيم الإرشادية لـ PFAS في مياه الشرب والمياه السطحية والتربة. حيث تنصح وكالة حماية البيئة الأمريكية (EPA) الآن بتركيز آمن من حمض بيرفلورو الأوكتانويك (PFOA) .
وعلى الرغم من العديد من الجهود، وجد الباحثون أن مستويات بعض الـ PFAS الضارة في الغلاف الجوي لا تنخفض بشكل ملحوظ. وهذا بسبب بطئ تحللها، إضافة إلى وجود العمليات الطبيعية التي تعيدها باستمرار إلى الغلاف الجوي من البيئة السطحية. واحدة من أهم عمليات التدوير الطبيعية لـ PFAS هي التنقل من مياه البحر إلى الهواء البحري عن طريق رذاذ البحر.
وقال البروفيسور إيان كوزينز، المؤلف الرئيسي للدراسة، انخفضت القيمة الإرشادية لمياه الشرب لمادة واحدة معروفة في فئة PFAS، وهي حمض بيرفلورو الأوكتانويك المسبب للسرطان (PFOA)، بمقدار 37.5 مليون مرة في الولايات المتحدة.
وأضاف “استنادًا إلى أحدث الإرشادات الأمريكية بشأن حمض بيرفلورو الأوكتانويك (PFOA) في مياه الشرب، سيتم الحكم على مياه الأمطار في كل مكان بأنها غير آمنة للشرب”.
وعلى الرغم من أننا في العالم لا نشرب مياه الأمطار في كثير من الأحيان، إلا أن العديد من الناس حول العالم يتوقعون أنها آمنة للشرب، وتوفر العديد من مصادر مياه الشرب لدينا.
وتم العثور على التلوث من أربعة أنواع مختلفة من الـ PFAS تجاوزت المستويات المسموحة في أوروبا والولايات المتحدة.
هذه النتائج، قادت المؤلفين إلى استنتاج أنه تم تجاوز “حدود الكوكب” بمعنى آخر، لا يوجد مكان على الأرض يستطيع فيه المرء تجنب هذه المواد. لذلك يقترح الباحثون أن استخدامات الـ PFAS يجب تقليلها بسرعة، حيث أن هذه المواد الكيميائية لديها قابلية عكسية ضعيفة.
وقال البروفيسور مارتن شيرينجر، المؤلف المشارك في الدراسة “كثافة وجودها والدوران العالمي المستمر لبعض مواد الـ PFAS سيؤدي إلى استمرار تجاوزها للقيم الإرشادية المذكورة أعلاه”.
وحتى الآن، بسبب الانتشار العالمي لـ PFAS، ستتجاوز الوسائط البيئية في كل مكان إرشادات الجودة البيئية المصممة لحماية صحة الإنسان ولا يمكننا فعل الكثير للحد من تلوث PFAS.
نشرت نتائج الدراسة في مجلة Environmental Science & Technology.